العودة (رواية علمية)
طاهر عبد الباقي
رواية العودة من منظور نقدي
بقلم : أمين مرسي
عضو اتحاد كتاب مصر و كتاب أفريقيا وآسيا
رواية العودة وإطلالة نقدية
"العودة" والخيال العلمي
تمثل رواية العودة فنا زاخرا وثرا مليئا بالكثير من المعطيات والدلالات على المستويين الموضوعي والشكلي معا .
والرواية تتجاوز الهموم الشخصية , وتناقش الهموم الحياتية للأمة وما تخضه من صراع في سبيل تحقيق القيم , والمثل السامية حتى تشرق شمس العزة والكرامة على الأمة دون مَنّ أو أذى .
والخيال الإبداعي في رواية (العودة) يخصب الفن الروائي , ويمنحه الكثير من الطاقات , والأبعاد . رغم أن الرواية تنصب على عودة البطل المحوري (عبد العزيز) إلى وطنه (مصر) إلا أن هجرة العلماء ظاهرة عالمية وليست مقصورة على العلماء العرب فقط [1] .
ومصطلح "الخيال الإبداعي" : يصف النوع غير الواقعي من الأدب القصصي في أي نوع من الأنواع الأدبية : (الحكاية الشعبية , السيرة , الملحمة , القصة القصيرة , الرواية , المسرحية , التمثيلية التلفازية , السيناريو السينمائي... والقائمة طويلة .
ويمكن أيضا أن يوجد هذا (الخيال الإبداعي) في أي أسلوب أو نوع بنائي , أو معالجة (ميلودراما فاجعة أو ضاحكة) عاطفية , خرافية , وحكايات الأشباح والعفاريت والجان , (القص العلمي) أو (الموضوع العلمي) , المدن الفاضلة , أو نقيضها الفاسدة ,... الخ .
ولذلك فإن الأدب الخيالي لا يرتبط بأي نوع من أدبي بذاته , ولا أي أسلوب أو نوع للمعالجة , أو للبناء بالتحديد , ولكنه يتميز بابتكاره (أو استخدامه) لأحداث سحرية - كما في رواية (نجيب محفوظ) : (ليالي ألف ليلة) , أو غير طبعية , كما في روايته أيضا : (رحلة ابن فطومة) .
تحدد سمات أحداثه بوصفها أحداثا غير ممكن أن تقع في الحياة الحقيقية (أو : لا يحتمل أن تحدث عادة) [2] .
وتحدد علاقة الخيال الإبداعي (الأدب الخيالي) بالقواعد (الواقعية) و إمكانات الحياة العادية اليومية (التي يسعى الأدب العادي أو الواقعي إجمالا ليحاكيها أو يلتزم بها) .
ويوصف الخيال الإبداعي أحيانا بأنه وسيلة جيدة لإيجاد (رمز) مناسب لنقل (أو : للتعبير عن) معنى أخلاقي أو تربوي , أو جمالي , أو سياسي , مثلما نرى في أدب الأطفال , أو (الأدب العلمي) , ولكنه كان يوصف في التحليلات التقليدية بأنه : {هروبي يتيح للمبدع الهروب من المحاكاة العادية للواقع (أو : من "خلق") واقع مواقع مواز , تحكمه المعايير الواقعية } .
غير أن السؤال الرئيس يظل , ويجب أن يكون هو : من أي شيء يتيح الخيال - للمبدع - الهرب , وإلى أي شيء يكون الهرب , ويمكن أن يقال : إن الأدب الخيالي (الذي يعتمد على "الخيال الإبداعي" مثله مثل الأشكال أو القوالب الإبداعية , يتيح الفرصة لإجراء مواجهة مع الواقع [3] . وهذا ما فعله البطل المحوري(عبد العزيز) العالم الذي أراد قهر الواقع وتطبيق العلم في مواجهة الخرافة والجهل , مما يستدعي العمل على توطين المعرفة في البلاد الأصلية للمهاجرين من العلماء [4] .
من تقنيات الرواية
وليس من المقصود هنا إقحام الماسبقات المعرفية والنقدية , فالنص لا يحتمل في أغلب الأوقات كل هذه الاستداعاءات , وهذا الحشد الكبير من الأدوات , والمصطلحات , فربما كان العمل أحوج إلى أدوات معرفية مختلفة عن التنظير .
والرواية ليست من روايات التسلية التي كتبها (إحسان عبد القدوس) و(يوسف السباعي) بل هي رواية ترتبط بالحياة , والمجتمع القمعي , قد لجأ المؤلف إلى أسلوب (آلان روب جرتييه) بالتسلل إلى العالم الخارجي يسرد بحيادية , ويستفيد المؤلف من التقطيع السينمائي , ويعتمد على المنظر بدلا من السرد الكلاسيكي .
ويأخذ المؤلف بتقنية الخيال البصري , والفلاش باك , والتداعي الحر والمونولوج , والحوار , وينتقل بين المشاهد بسلاسة ومرونة دون أن يشعر المتلقي بتغير زاوية الرؤية .
ومن خلال (الخيال الإبداعي) يرصد المؤلف ما يدور في المجتمع القمعي وما يفعله سماسرة العلم , وخفافيش الظلام , ولغة السرد لغة شعرية , طبعية , مواتية , لا غرابة فيها , ولا حوشية , ولا تقعر , ولا حذلقة , والمؤلف يغترف من بئر ممتلئة دون عنت أو مشقة .
الحوار
تسلط الرواية الأضواء على أهمية وضرورة الحوار . فالسياسي البارز يقول للصحفي المفكر (أنيس) :
- القيادة تؤمن بالحوار والرأي , والرأي الآخر .
, فيشرح (أنيس) وجهة نظره :
- في رأي أن الغاية من الحوار لا تقوم على هزيمة الخصم بالحجة ؛ لأن الحجةَ غايتها الوصول إلى الحقيقة .
لكن السياسي البارز يرى في النهاية الحوار استخدم الردع , والزجر مع أصحاب الرأي حتى لا يتكرر النقد .
ومن ذلك يتبين لنا أن السياسي البارز لا يعرف شروط الحوار , وأول هذه الشروط : الاقتناع بأن الحقيقة ليست ملكا لي ولا غيري , وأن رأي المرء صواب يحتمل الخطأ , ورأي الآخر يحتمل الصواب على نحو ما ذهب الإمام (الشافعي) [5] قبل أن يهتدي إليه التنويريون الأوربيون .
فلا مجال لحوار بين أطراف يعتقد كل منهم , أو حتى بعضهم أنه هو صاحب الحق , وأن غيره في ضلال . ففي هذه الحالة من الممكن أن يضل هؤلاء معا , ويتحدث كل منهم دون أن يسمع أيّ منهم الآخر .
وثاني شروط الحوار هو : الاستعداد للوصول إلى حل وسط يتنازل بموجبه كل طرف عن جزء من مواقفه , أو مطالبه , أو أهدافه من أجل ما يطلق عليه التوافق , أو التراضي العام Consensus .
وثالث الشروط : هو أن يحترم الجميع , ما توافقوا عليه مع الالتزام به , وعدم الخروج عليه .
وعندما تتوفر هذه الشروط في أي مجتمع يُنقل نوعيا إلى الأمام , وتحدث ُ فيه تحولا تاريخيا من حالة : (الكل ضد الكل) إلى حالة : (الكل مع الكل) .
وتقوم الرواية على دعائم العلم ونقل التكنولوجيا فقد دخلت الدول المتقدمة ثورة جديدة في مجال العلم والتكنولوجيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في حين أن الدول النامية لم تقترب بعد من ثورتها الأولى , بل تعاني الأمرّين : التخلف العلمي , والتكنولوجي .
من معطيات الرواية
فعلى صفحات الرواية يتعاون البطل العَالِم المهاجر [6] (عبد العزيز) مع غيره من العلماء في دولة المهجر وحين يعود إلى بلاده لنقل خبراته العلمية يواجه الصدود والجمود والروتين , وتكتفي بلده بما توفره الدول المتقدمة من فتات العلم والتكنولوجيا ولو بأعلى الأثمان . ويعجب المتلقي للعمل الروائي لعدم رسم سياسة وطنية عقلانية واضحة المعالم بالنسبة لما يجب , وما يمكن الحصول عليهمن علم وتكنولوجيا, وما لا يجب , ولا يمكن الحصول عليه . وتتصف التكنولوجيا في الدول النامية بالبدائية ؛ بالمعدات , والأساليب الإنتاجية , والتنظيمية المستخدمة لم يطرأ عليها تغير أو تحسن يذكر منذ زمن بعيد , حتى أسلوب التعامل مع مكتب براءة الاختراع يكشف عن سلبيات كثيرة [7] مما تسبب في جنون عالم , ووضع العراقيل والعقبات في طريق البطل المحوري (عبد العزيز) .
ولقد حاولت دولة المهجر احتكار البطل لصالحها ؛ لكنه صمم على الرجل إلى بلده , وفشلت محاولات منعه من (العودة) إلى بلده .ورغم أن الرواية يمكن تصنيفها في الروايات العلمية إلا أن المؤلف وفر لعمله التلقائية , والعفوية التي تبعده عن المباشرة والخطابية , فالفكرة بعد الفكرة تنثال انثيالاً في سهولة ويسر , وتدفق يكشف عن المضمون والمكنون دون ستر أو مواربة .
ذاكرة الرواية
تتضمن راوية (العودة) أحداثا جزئية كثيرة , وخبرات متنوعة هي في الحقيقة المادة التي تكون منها هذا العمل .
وقد استفاد المؤلف في عمله من توظيف هذه المادة التي توفر عليها من صلته بالناس , وخبرته بالحياة , ومعايشته لأحداثها ونظرته لها نظرة خاصة , فلم يقف عند سطح الأشياء بل تعمقها وأضاف لها من فكره وخياله وفنه فجعل لها تكوينا آخر , وفلسفة أخرى [8] . مما يعطي انطباعا بأن الرواية العربية ذاكرة مفتوحة تستوعب شتى التجارب الإنسانية , والتمايزات المجتمعية , وتتسع لرصد ملامح الواقع بعد مرورها بمراحل التأسيس , والتأصيل , والتجريب .
لم تقف الرواية العربية إذن عند حد الخصوصية , والمحلية , بل بلغت مرتبة العالمية إذ انتزع (نجيب محفوظ) جائزة (نوبل) رغم تشبثه بالأبعاد المحلية .
وقد مرت الرواية العربية بجملة من التحولات المتصلة , حتى إذا انتظم مؤلف (العودة) في سلكها خرج بها من إسار الصيغ الجاهزة المستقرة , واختار المؤلف نوعين من الشخصيات . النوع الأول : هو ما يمكن أن نسميه (الشخصية الجاهزة) Flatcharacter أو المسطحة , وهي الشخصية المكتملة التي ظهرت في الرواية دون أن يحدث في تكوينها أي تغير وإنما حدث التغير في علاقتها بالشخصيات الأخرى , أما تصرفاتها فلها دائما طابع واحد ومن هذه الشخصيات (عطية) [9]مساعد العالم (عبد العزيز) , والنوع الثاني : هو الشخصية النامية Round character ومثالها العالم (عبد العزيز) حيث تم تكوينها بتمام الرواية بتطور شخصيته من موقف إلى آخر , وظهور مواقف جديدة لهُ في كل موقف جديد كشف لنا عن جانب جديد من شخصيته .
تصور الرواية مأساة العلماء في التعامل مع مراكز الأبحاث المصرية ويتجلى ذلك في فقد العالم المصري (الشحات) لقواه العقلية , وصعوبة التعامل مع البطل (عبد العزيز) ووضع العقبات والعراقيل أمامه , وتردده أكثر من مرة على مبنى البحث العلمي , وجدل المناقشة بينه وبين الموظفين في البحث العلمي, والسفسطة مع العاملين بمركز البحث العلمي .
ومن المعروف أن مراكز البحث العلمي تتجرع كأس المرارة على ضوء ظلم وتجاهل طموحات وأفكار أي عالم داخل أي مركز علمي أو بحثي , ابتداءً من ميزانية متواضعة للبحث العلمي , مرورا بالتسويق عند مناقشة أي إنتاج مطروح يفيد التنمية , ويساهم في حل مشاكلنا , وانتهاء بإلقاء هذه الأبحاث الأجنبية التي تسارع إلى التقاط هذه الدراسات , واستثمارها لتظهر في النهاية مشاكل الأهداف الخارجية التي نعاني منها , ومن الجدير بالذكر أن ترك المجال مفتوحا أمام مراكز الأبحاث الأجنبية للعمل بمفردها داخل البلاد دون وجود إسهامات حقيقية من مراكز الأبحاث الوطنية يعد من المخاطر الحقيقية التي ينبغي الانتباه إليها .
والرواية تشير عن كثب إلى ضرورة الأخذ بثقافة الاهتمام بمراكز الأبحاث ودورها في الحياة الاجتماعية , والثقافية , والاهتمام بالأبحاث التي تعتمد على ترقية الحياة والمواطن , كما تشير إلى التقدير الذي يتلقاه العالم في الغرب وأسلوب التعامل معه , والحياة المريحة التي يعيشها وتوفير الإمكانات التي تؤهله للإبداع العلمي .
وتتضح المفارقة بين ما يحدث في بلادنا وما يحدث في أوروبا , وهكذا تبدو (العودة) كرواية علمية وواقعية وخيالية في الوقت نفسه .
وفي الرواية معرفة بجوهر الواقع ؛ لكنها تتخلص من طرائق الواقعية التقليدية , وتنزع إلى الإيجاز والتكثيف , كما أن الخصائص اللاواقعية لا تظهر دفعة واحدة .
والرواية تحقق توازنا بين خبرة الكاتب في الواقع وبين طريقة صياغته للخطاب السردي من خلال لغة تتداخل فيها الأمثال والطرائف والحوار والتعليقات ... والقائمة طويلة .
بنية العمل
يهتم (لوسيان جولدمان) [10] بدراسة بنية العمل الأدبي دراسة تكشف عن الدرجة التي يجسد بها هذا العمل بنية الفكر عند طبقة أو مجموعة اجتماعية ينتمي إليها مبدع العمل , وتحاول دراساته تجاوز الآلية التي وقع فيها التحليل الاجتماعي التقليدي للأدب وذلك بتركيزه على بنية فكرية تتمثل في رؤية للعالم تتوسط ما بين الأساس الاجتماعي الطبقي الذي تصدر عنه والأنساق الأدبية والفنية والفكرية التي تحكمها هذه الرؤية وتولدها .
وهو يتناول هذه البنية المتوسطة , أو رؤية العالم بوصفها (كلية متجانسة) تكمن وراء الخلق الثقافي وتحكمه , وذلك بالقدر الذي تتجلى فيه وتتكشف بواسطته , فهي البنية المتوسطة التي لا تفارق منشأها الاجتماعي في حضورها الذي يتحكم في مجموعة من الأبنية المتغايرة من حيث المحتوى , والمتجاوبة من حيث العلائق الوظيفية التي تحكمها , والتي ترتد إلى هذه البنية المتوسطة الكاشفة عن أساسها الاجتماعي [11] .
ويرى الدكتور محمد مندور [12] أن النقد لا يخرج عن كونه فنا يتناول فيه الناقد النصوص الأدبية بالدرس والتحليل .
ومادام الأدب لا يعدو أن يكون (صياغة لموقف إنساني) فإن وظيفة النقد هي التمييز بين الأساليب المختلفة , وذلك عن طريق تحليل خصائص صياغة كل نص أدبي والكشف عن عناصره الجمالية الفنية ؛ فهو في نهاية الأمر دراسة أسلوبية جمالية , مدارها ذلك الكلام الفني الذي يشكل مادة النص الأدبي .
وتقوم هذه الدراسة النقدية على وضع المشاكل وطرحها طرحا مستمرا ومتجددا , نابعا مما تزخر به الألفاظ من طاقة فنية .
وتتلخص العملية النقدية في (التنبّه للمشاكل التفصيلية التي تثيرها اللفظة أو الجملة أو الفقرة في نص أدبي) .
إذ كل جملة مشكلتها التي يجب أن نعرف كيف نراها وتضعها ونحكم فيها .
وهذا ما يدفع الناقد إلى أن يحبس نفسه في النصّ لا يفلت منه ؛ لأنه منطلق كل عملية نقدية . هذا هو النقد الموضعي .
وقد تأثر فيه مندور بالمنهج الفرنسي في معالجة الأدب , المعروف بشرح النصوص . وعلى هذا النحو فهم مندور طبيعة النقد الأدبي [13] .
ويرى (لانسون)[14] : (أنه إذا كان النص الأدبي يختلف عن الوثيقة التاريخية بما يثيره لدينا من استجابات فنية وعاطفية فإنه من الغرابة والتناقض أن تدل على الفارق في تعريف الأدب ثم لا نسحب له حسابا في المنهج .
كانت هذه المقدمة للولوج إلى رواية (العودة) للروائي طاهر المنير الرواية تهطل في آفاقها مياه الفن الدافقة لتغمر وجودنا دون مراوغة دلالية , وتفتح نافذة على آفاق الوجود المعنوي والاجتماعي لا تستعصي على الإمساك والتأطير لأنها تفضي إلى المتلقي بذاتها .
تقنية الحكاية
الروائي طاهر المنير يعمد إلى الإتكاء على تقنية الحكاية داخل الحكاية , فالحدث الرئيس يولد أحداثا فرعية , وهي تميمة نجدها عند صاحب نوبل(نجيب محفوظ) , وصاحب قنديل أم هاشم(يحيى حقي) كما نجدها عند المبدع (محمد عبد الحليم عبد الله) لكن الذي يميز ويفارق بين هذه التيمة عند هؤلاء وعند (أشرف حسن) أنه أدخل على التفاصيل طزاجة وتلقائية وسلاسة مع الاتجاه إلى المنجز اليومي ومفرداته الهامشية المسكوت عنها .
والمؤلف يزاوج بين الواقعية بشيء من المتخيل وبشيء من الرمز الذي ينبع من الوعي الشعبي والتفاصيل الدقيقة لأناس عاشوا واكتوت حياتهم بنار الأيام وجفافها , عشقوا البساطة , وعاشوا على هامش الحياة .
الراوي يطرح في رواية (العودة) القضايا المتصلة بالعلم وهجرة العلماء إلى وعودة بعضهم إلى بلادهم [15] .
والمؤلف في روايته يلتصق بالواقع ويلمس المشكلات التي تعاني منها أبناء المجتمع كما يستخدم نماذج لشخصيات متناقضة لقياس مؤشرات التغير في القيم الاجتماعية .
يروي لنا في الرواية التداعيات النفسية التي يعيشها الإنسان حين يكون وحيدا , والحديث عن المضامين في رواية (العودة) يشكل الجانب المهم في بناء الرواية عنده , فهو يعالج مضامين متعددة ذات علاقة وثقى بواقع الأبطال الذي يعيشون فيه , والبيئة التي خبروها وعرفوا خبايا وأسرارها .
وهو يجيد تصوير هذه البيئة أكثر من غيرها ؛ لهذا نراه يعتمد الواقعية التسجيلية من خلال شرائح ينتقيها من الواقع وبذلك يمنح المؤلف لروايته نكهة خاصة .
كما أن الاقتراب من المجتمع , ورصد مظاهره , وتشريحه , وتشخيص سلبياته , ولفت الأنظار إليه بغية علاجها , يعد من الأمور المستحبة .
ولقد وفر المؤلف للمتلقي الكثير من الإمتاع مما يستدعي مقولة (سومرست موم) :(أميل إلى القول بأن المحك الوحيد لجودة القصة هو قدرتها على الإمتاع) [16] .
ولقد حاول الروائي (طاهر المنير) الاقتراب بلغته من الجو النفسي للشخصيات , ونجح في رسم البيئة وتوظيف الشخصيات التي تعيش في هذه البيئة وتتفاعل معها .
وفي الرواية نواجه بالهم الاجتماعي الضخم الذي يشغل الروائي ويسيطر على شخصيات الرواية فيبرع في رصد إحباطاتها , واغترابها دون أن يشغله ذلك عن المبالغة ذلك عن الصياغة الفنية .
فنراه هنا يستخدم ذلك عن الصياغة الفنية , فنراه هنا يستخدم بعض التقنيات الجديدة في أسلوب القص دون الاكتفاء بالسرد والوصف إذ يقوم بتوظيف التداعيات والتقنيات الصحفية أحيانا , والمونتاج السينمائي , والتشكيل , والاتكاء على شعرية اللغة ورقتها وهواجسها , ومحمولها العاطفي والبيئي .
وشخصيات الرواية التي تختلف في مواصفتها وملامحها لا تلتقي إلا في حالات الخيبة التي تحيط بها , وتخاصر ماضيها وحاضرها , وإن اختلفت الشخصيات في الظاهر بعضها عن بعض فهي تلتقي في نقاط جوهرية تلغي اختلافها بقدر ما تؤكد خصوصيتها .
فالشخصية الواحدة تعاني خيبة خاصة تختلف عن خيبة الشخصية الأخرى , الخاصة أيضا .
وكلما تنوعت الشخصيات واندمجت في مواصفاتها الذاتية , تنوعت الخيبات واختلفت ظروفها , من الخيبة الذاتية للبطل إلى الخيبة الاجتماعية للبطلة , ومن خيبة الزمن إلى خيبة الوجود في العمل [17] .
إنها شخصيات لا تملك من ماضيها إلا الذكريات , ولا تملك من حاضرها إلا واقعا أليما , ومن مستقبلها الغامض رجاء ضئيلا .
تفاصيل
ورواية العودة رحلة بحث عن الإنسان فهو محور الكون , وحوله تدور الأشياء , والبطل المحوري ينطلق من دائرة العلم والذات ويرى من خلالها العالم والمرئيات , يستشعر أصداء الكون , وينطق بمفردات البيئة التي عاش فيها وتأثر وانفعل , تحسس أنامله جمرا لا يخبو لحرصه على المعاني الإنسانية , يشعر المتلقي بوقع خطاه على عتبات القلب , يعمل على إنطاق عناصر الكون ومفرداته ؛ لكنه في موكب الحياة يطوي أحلامه وتطويه .
وتتشابك التفاصيل ويزاوج الروائي (طاهر المنير) بين مفاهيم السرد الحديثة والحكي العادي .
والفكرة الرئيسة التي ترتبط بالتفكير العلمي بالرواية تقوم على إطلاق الأقمار الإصطناعية [18] بدون صواريخ .
وتعود فكرة ابتكار الصاروخ إلى الصينيين , والهنود في القرن الثالث عشر , ولم يكن الصاروخ مزودًا بمحرك .
وفي عام 1895 م اخترع المهندس (بدروب بوليه) صاروخا يعمل على السوائل كالبنزين , والأوزون , ويتم إشعاله بواسطة الشمعة , لكن الصاروخ كان بحاجة إلى مواد اشتعال كيمائية للانطلاق .
وأول من اخترع صاروخا استطاع تخطي الجاذبية هو الروسي (زيميوركا) في 21 أغسطس 1957 , كما استطاع تركيب أول قمر اصطناعي باسم (سبوتنيك) .
وأرسل الأمريكيون أول صاروخ واسمه (أطلس) في 17 ديسمبر عام 1957 , وأصبحت فرنسا ثالث دولة تطلق صواريخ , أولها صاروخ (ديناميت) في 26 نوفمبر 1965 م ويحمل القمر الاصطناعي (استيريكس) .
ولقد أطلقت فرنسا علم 1979 م أول صاروخ تحت اسم (إريان) , وابتكرت (ناسا) أول مكوك فضائي باسم : (كولومبيا) , وأطلقته في عام 1981 , وهو عبارة عن صاروخ من الممكن استعادته واستعماله مجددا .
وأطلق الروس (البوران) وهو أول مكوك وذلك 15 نوفمبر عام 1988 م .
وبالإضافة إلى الاستخدامات النمطية للأقمار الإصطناعية للاتصالات , والتنبؤات الجوية , والتصوير هناك استخدامات متعددة للأقمار الإصطناعية منها : اكتشاف الآفات الزراعية , ومتابعة هجرة الطيور والحيوانات , وتحديد أماكن صيد الأسماك فتوجه إليها أساطيل الصيد , وتستخدم الصور الفضائية في مكافحة التصحر ومتابعة زحف الرمال على الأراضي الزراعية , واكتشاف مصادر التلوث البيئي , وتقدير الخسائر التي تحدث من الكوارث كالسيول والفيضانات , وحرائق الغابات , والزلازل وثورات البراكين , وتحديد أفضل الطرق للوصول إلى الأماكن المنكوبة , وتنظيم المرور البري والبحري والجوي , واكتشاف المياه الجوفية والآثار , واستخدام صور الأقمار الصناعية في اكتشاف مكامن المياه الجوفية القريبة من سطح الأرض [19] .
وقد بدأ عصر الفضاء في 4/10/1957 م حين أطلق الاتحاد السوفيتي أول الأقمار الصناعية تحت اسم (سبوتنيك - 1) فحقق الأحلام التي راودت أدباء الخيال العلمي السابقين أمثال : (جول فيرن) [20] و(هـ . جـ . ويلز)[21] .
وفي أجواء العلم تحلق رواية : (العودة) لترسيخ المفهوم العلمي في أذهان المتلقي فيتم الفهم وفقا لمعطيات العمل الروائي وثقافة المتلقي , وفي محاولة فهم العالم (بما فيه الرواية) من خلال تلقيه اهتم المفكرون الأوائل بعملية التلقي وبالقارئ والمشاهد والمستمع الذي يقوم بهذه العملية فقد اهتم المفكرون اليونان بالمتلقي بالرغم من أنهم كانوا أول من وضع مفهوم (المحاكاة) وكان اهتمامهم على نطاق الأثر الذي تحدثه المؤلفات الفنية في متلقيها .
ولقد كان لكل المدارس النقدية وقوف يتفاوت تركيزا وعمقا على الغاية من الفن وسواء كانت الغاية من الفن موعظة أخلاقية أم عبرة وحكمة أم متعة جمالية فإن المتعظ والمعتبر والمتمتع إنما هو دائما وأبدا المتلقي الذي تتجه إليه الأعمال الفنية .
إلا أن نظرية جماليات المتلقي تقوم على افتراض أنه ليس للنص (لوحة تصويرية أو أي عمل فني آخر) معنى ثابت , وإنما ينتج المعنى بواسطة المشاهد / القارئ أثناء فعل المتلقي , فالمشاهدة أو القراءة هي إعادة تفسير من خلال المنظور الخاص للمشاهد / القارئ . وفي إطار ذلك وضعت هذه النظرية بعض المفاهيم التي توضح إيجابية العلاقة بين المتلقي وبين العمل الفني ومنها : أفق التوقعات حيث يذهب (ياوس) مؤسس نظرية جماليات التلقي إلى أن : هناك تاريخا لتلقي العمل نقديا حيث يظل التقييم الذي أصدره المتلقي باقيا , ويزداد ثراء عبر عمليات التلقي التاريخية , وأن أي عمل يواصل تأثيره الجمالي يأتي نتيجة (لأفق توقعات) المتلقي بالنسبة للعمل الفني , وقد استلهم (ياوس) من (جادامر)[22] مفهوم الأفق وأقام عليه أساس جمالية التلقي لديه حيث تتشكل قيمة العمل الفني في تجدده الدائم الذي يتحقق عن طريق اتحاد عنصرين :
أفق التوقع المفترض في العمل , وأفق التوقع المفترض في المتلقي .
ويشير أفق المتلقي إلى التحيزات التي نحملها في أي وقت بعينه مادامت تلك التحيزات تمثل أفقا لا نستطيع أن نرى أبعد منه , تغيير حدث الفهم كما يرى (جادامر) هو امتزاج الأفق الخاص بالمتلقي بالأفق الخاص بالعمل الفني فيما يسمى بتلاحم الآفاق .
ويربط (ياوس) بين (عملية التلقي) و(أفق التوقعات) على أساس أن المتلقي يعيد بناء هذا الأفق , ومن ثم يكون قياس أثر الأعمال أو وقعها على أساس الأفق الذي تم استخلاصه من هذه الأعمال . وجماليات المتلقي على نحو ما يسمى (ياوس) نظريته في أواخر الستينات وبداية التسعينيات تذهب إلى أن جوهر العمل الفني لا يمكن بيانه عن طريق وصفه وفحصه بل ينبغي أن يدرس بوصفه عملية جدل بينه وبين المتلقي .
وفي هذا الإطار طرح (ياوس) فكرة (جماليات الاستقبال) وقام بتعريف القيمة الجمالية بلغة مقومات الاستقبال على هذا النحو : (يعطي العمل الفني معيارا لتحديد قيمته الجمالية , وذلك من خلال وقعــــه على الــــمتلقين سواء أكان ملبيا لتوقعتهم , أم مخيبا لآمالهم .
فالمسافة بين أفق التوقعات والعمل وبين التجارب الجمالية السابقة المألوفة , والأفق المغاير الذي تتطلبه الاستجابة للأعمال الجديدة تلك المسافة هي التي تحدد طبيعة العمل الفني وفقا لمقتضيات جمالية التلقي : فكلما تضاءلت المسافة بحيث لا يكون وعي المتلقي مطالبا بأي تغيير في أفق التجربة غير المعروفة لديه , كلما اقترب العلم من المجال الاستهلاكي والقراءة الخفيفة) .
وخلافا لعلم اجتماع الفن الذي يعين القيمة الجمالية بلغة أيديولوجية منتج العمل فإن جمالية الاستقبال تعادل بين القيمة الجمالية ونوعية الاستجابة , وتصبح المتعة المتولدة عن رؤية صورة ما أو قراءة نص إبداعي ما هي إلا التأليف بين أيديولوجية تلك الصورة/النص , وأيديولوجية الرائي/المتلقي , تفسر القيمة الجمالية باعتبارها بناءً تاريخيا متراكما تكون بفعل جمهور المتلقين المتعاقب .
وربما يرجع بقاء كثير من الأعمال على مدى القرون , أو عبر الثقافات كإنجاز يواصل تحديه للتوقعات بما ينطوي على احتمالات لتحديات مغايرة للأجيال القادمة وذلك نتيجة لبنيتها المركبة .
وفي هذا الصدد تتضمن نظرية التفسير التي تنتمي إلى جمالية الاستقبال إلى أن التقديم الذي أصدره المشاهد/المتلقي الأول يظل باقيا ويزداد ثراء عبر عمليات التلقي المتوالية .
فالعمل الفني لا يظهر بنفس الصورة لكل متلق في كل حقبة زمنية , فالمبدع واحد والمتلقي كثير متعددون ومدلول العمل الفني مراوغ لأنه متعدد بقدر تعدد المتلقين , ومن ثم يفيض بدلالات لا تزال تتضاعف بمواصلة عرضه بين جماهير المتلقين [23] .
ومن هذا المنطلق يكون قراءتنا لهذا العمل ليست هي القراءة الأخيرة إذ يتعدد الفهم بتعدد القراءات .
ضحكات العودة
تتعدد أنواع الضحكات في الرواية يحسب الشخصية الرئيسة أو الثانوية ومثال ذلك ضحكة (سعاد) مع رفاق العمل فهي ضحكة (انعكاسية) أو ما تسمى بـ(المعدية) وهي حالة عفوية ليس للفرد فيها إرادة , فإذا رأى شخص جماعة تضحك سرعان ما ينخرط معهم في الضحك من غير أن يعرف سبب ما يضحكون من أجله , فيضحك مستمتعا معهم بالضحكات .
أما الشخصية المحورية (عبد العزيز) فهو يضحك ضحكة (تهكمية) , وضحكة التهكم تتميز بنبرة الرثاء والعطف المتعالي على المتهكم به , والمتهكم ينظر إلي غريمه على أنه مخلوق تافه , عديم الشأن , بل إن المتهكِّم يرى أن المتهَكَّم به جدير بعطفه , وذلك إمعانا في إحساسه بنقص وتفاهة غريمه .
وفي حوار بين (عبد العزيز) وأستاذه يضحك الأستاذ (حسن عاشور) ضحكة ساخرة , وهي الضحكة التي يحاول فيها الضاحك أن يعبر بها عن مدى الاستخفاف بغيره , أو بالشيء الذي يسخر منه , ونظرة الساخر إلى غيره فيها تقليل من شأنه أو من القول الذي بدر منه , وربما يسخر الإنسان من نفسه , فيزدري نفسه , أو سلبياته .
وتزور (مي) و(سعاد) البطل (عبد العزيز) في السجن , وفي غرفة بمبنى السجن يدخل عليهم (عبد العزيز) محمولا على كرسي مرفوع على أعناق الجنود (كملك متوج من العصر الغابر) , تتعجب (مي) و(سعاد) وتطلقان ضحكة تفوق وشماتة , لتفوق (عبد العزيز) وارتفاعه فوق مستوى محنته , وشماته في سبحانه الذي فشلوا في إجباره على الركوع والاستسلام .
ذلك ومن نافلة القول الإقرار بأن مصائب غيرنا غالبا ما تضحكنا , فـ(شر البلية ما يضحك) .
ويأتي هذا الضحك على الأعداء والظالمين والطغاة .
فنحن نضحك على المتغطرس المغرور عندما يقع في أول جولة , كما نضحك ضحكة الشماتة تلك على رجل أنيق انزلق في الوحل وتلطخت ثيابه .
كذلك نضحك على أنفسنا حين نتذكر مآزق الماضي , فتصبح مجالا للتندر والضحك .
ويدخل (عبد العزيز) إلى مكتب براءات الاختراع فيستمع إلى ضحكات التنفيس والتفريج .
وهذا النوع من الضحك يحدث إذا بلغت حالة التوتر أشدها , وخيم النكد على النفس , أو المكان فيكون الفرد أشد حساسية لأي مؤثر يزيل عنه هذا الضيق .
ومثل ذلك يحدث عند تلاميذ واجمين صامتين ثم يحدث أن يصاب تلميذ بـ(زغطة) فيضحك كل التلاميذ .
وتستجير امرأة برجل الشرطة لسرقة نقودها التي حفظتها بين ثدييها وبسؤالها عن سبب سكوتها حين تحركت يد اللص في صدرها فتجيب : لم أكن أعرف أنه يسرق فترتفع عاصفة من (ضحك التسلية) وهو ضحك للإمتاع , والمرح .
ويطلب (عبد العزيز) من العاملين بمكتب براءات الاختراع العمل مقابل الأجر الذي يحصلون عليه فتضحك المرأة العدائية (سعاد) (ضحكة هستيرية) وهذه الضحكة مع أنها تجلجل لا يصحبها فرح أو سرور عند الضاحك , فهي ضحكة خاوية جوفاء , لا أثر للمرح فيها , وغالبا ما تصدر من المعتوهين , أو الذين فجعوا في عزيز ليهم , وربما انخرطوا في البكاء بعدها , وعجزوا عن السيطرة على مشاعرهم من ضحك أو بكاء ....
وهكذا ينتقل المؤلف من ضحكة لأخرى لبيان أحوال شخصياته .
ويذكر عالم النفس (بول إيكمان) ثمانية عشر نوعا من الابتسامات , من بينها : الابتسامة اليائسة , والكاذبة , والكوكتيل ... وكل نوع منها له ما يتبعه من حركات عضلات الوجه , فهناك فرق بين ابتسامة الاستمتاع , والابتسامة الزائفة , ففي الحالة الأولى تبرز العضلات المحيطة بالعينين , وعضلات الخدين , أما في الزائفة فإن عضلات الخدين هي التي تتحرك , في حين لا يتغير وضع العضلات المحيطة بالعينين .
وهناك تصنيف لأسباب الضحك , ومن ذلك : الانتصار , المفاجأة , الدغدغة , القصص الفكاهية , المواقف المتضاربة , محاولة إخفاء الخجل , استعادة موقف مضحك ...
وهكذا تتواصل الضحكات مع تواصل الدلالات [24] في رواية (العودة) وترتبط الضحكة بالشخصية ورسم ملامحها أثناء الضحك وتعكس صورة للمواقف التي يخوضها الأبطال في الرواية ويتابعها المتلقي بنوع من الشوق والتوق .
مسك الختام
نبه المــؤلــف المتلقي إلى ضرورة حضور ثقافة البــحــث العــلمــي نظرا لأن مشكلة البحث العلمي في مصر تشير إلى غياب مفهوم الفريق البحثي المتكامل , بحيث يساهم كل فرج في إضافة جزء للبحث وتطويره حتى يحصل على براءة اختراع مصرية ودولية .
كما أن رجال الأعمال يحتاجون للتوعية بأهمية زيادة موارد الميزانية المخصصة للبحث العلمي حيث تحدد بعض الدول نسبة على صادراتها وتوجهها لأغراض البحث العلمي في إسرائيل إلى 5% تبلغ في مصر 1% فقط .
كما أن نظام الترقيات من أهم أسباب ضعف المراكز البحثية بطريقة الوراثة تهدد الأبحاث والباحثين , ويفترض اختيار رؤساء المراكز البحثية على أساس قدراتهم البحثية والاتصالات الخارجية , مع اختبارات تحكمها لجنة علمية على درجة من الكفاءة والأمانة - مع التركيز على عامل الأمانة - حتى لا تتحكم القرابة والوساطة في نتائج الاختبارات , كما أن نظام الترقيات بالمراكز البحثية لا يقوم على أسس صحيحة [25] . ولق سررنا بصحبة رواية (العودة) أيما سرور .
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم .
- أمل نصر : حول نظرية (جماليات التلقي) , صحيفة القاهرة , 18/8/2009 م , ع (486).
- الأهرام : مصطلحات فكرية , خيال علمي Fantasy , 2/10/2000 م .
-جابر عصفور (الدكتور) : نظريات معاصرة , هيئة الكتاب , 1998 م .
- حلمي محمد القاعود (الدكتور) : الرواية التاريخية في أدبنا الحديث , دراسة تطبيقية , الهيئة العامة لقصور الثقافة , سلسلة كتابات نقدية , ع 139 , أكتوبر 2003 م .
- سعد شعبان (المهندس) : الإشعاع من الذرة حتى المجرة , الهيئة العامة للكتاب , 2006 م .
- صبحي سليمان : حقائق وغرائب , الدار الثقافية للنشر , ط 1 , 2003 م . والمواقع المتخصصة في العلوم على شبكة الإنترنت العالمية .
- عادل الجوجري , هجرة الكفاءات العربية فيها سبع فوائد للعلماء والوطن , صحيفة القاهرة , 6/10/2009 م , ع 492 .
- عبد الملك مرتاض (الدكتور) : التأويلية بين المقدس والمدنس , مجلة عالم الفكر , المجلد التاسع والعشرون , العدد الأول , يوليو / سبتمبر 2000 م .
- عبده وازن : شخصيات تبحث عن خيباتها , شئون أدبية , العدد 10 , 1989 م .
-عز الدين إسماعيل (الدكتور) : الأدب وفنونه , دراسة ونقد , الناشر , درا الفكر العربي , ب- ت.
- فاروق العُمراني : النزعة الجمالية الإنسانية لنظرية محمد مندور النقدية.
- فصول , المجلد التاسع , العددان الثالث والرابع , فبراير 1991.
-عبد الرحمن ياغي (الدكتور) : في الجهود الروائية .
- مجدي الصفطاوي (الدكتور) : غياب ثقافة البحث العلمي , صحيفة البديل , 6/5/2008 .
- محمد كامل عبد الصمد : ثبت علميا , جـ 2 , الدار المصرية اللبنانية , ط 7 , فبراير 2006 م .
-محمد مندور (الدكتور) : النقد المنهجي عند العرب ومنهج البحث في الأدب واللغة) , دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع , 2007 م .
-الموسوعة العربية الميسرة , جـ 4 , ط 2 المحدثة , دار الجيل , ط 2001 م , ص 2634 .
- (مجلة) نصف الدنيا الأسبوعية , 24/11/1991 .
-هانس جيورج جادامر : فن الخطابة وتأويل النص ونقد الأيدولوجي من كتاب (فهم الفن) (le art de comprendre) , في العرب والفكر العالمي , ع . 5 .
([1]) هناك هجرة للعقول المتميزة من أوروبا والهند وباكستان والصين واليابان وبعض الدول الإفريقية . إذ بيّنت دراسة أنجزت سنة 2000 م لصالح وزارة الهجرة والاندماج الفرنسية حول "السوق العالمية للعقول المبدعة" أن 94 ألفا من الشباب الفرنسي المتحصل على شهادات علا "ماجستير ودكتوراه" يغادر البلاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية "حوالي 48 ألفا" وإلى كندا "27 ألفا" وإلى سويسرا "27 ألفا" وإلى إسبانيا "26 ألفا" وإلى ألمانيا "24 ألفا" ... . وانظر : عادل الجوجري , هجرة الكفاءات العربية فيها سبع فوائد للعلماء والوطن , صحيفة القاهرة , 6/10/2009 م , ع 492 , ص 7 .
([4]) قد يساهم بعض المغتربين في توطين المعرفة في بلدائهم الأصلية والرفع من مستوى البحث العلمي سواء عن بُعد , خاصة بعد توفر وسائل الاتصال السريعة والناجعة "الانترنت" , أو عن طريق الاتصال المباشر والزيارات المتكررة للمؤسسات الأجنبية والبحثية في بلدانهم , وربط تلك المؤسسات بالمؤسسات الأجنبية التي يعملون فيها , وذلك للاستفادة من إمكاناتها وتجاربها ... كما قد لا يتردد بعض من تلك الكفاءات في المساهمة في التنمية البشرية في بلدانهم الأصلية وذلك من خلال الاستثمار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في قطاعات ذات علاقة باختصاصاتهم العلمية .
([5])الشافعي (الإمام) : (767 م - 819 م ) , أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس , ينتهي نسبه إلى (المطلب) أخي "هاشم" جدا لنبي r . والشافعي هو أحد الأئمة الأربعة , ولد يتيما ب(غزة) , وانتقلت به أمه إلى (مكة) , وفي العشرين من عمره انتقل إلى المدينة , ولزم (مالكا) الإمام تسع سنين , أخذ فيها عنه (الموطأ) ودرس فقهه , وسافر إلى العراق , وأخذ عن (محمد بن الحسن) فقه (العراق) ثم سافر إلى (مصر) 814 م وتوفي بها , وأشهر كتبه : الأم والرسالة , وهو مؤسس المذهب الشافعي . انظر : الموسوعة العربية , ط 2 محدثة , جـ 3 , دار الجيل , ط 2001 م , ص 1448 .
([6])تشير الأرقام والبيانات التي تضمنها تقرير الجامعة العربية إلى تزايد رقعة ظاهرة "هجرة العلماء" عدديا أو جغرافيا , فقد انتشر العلماء العرب حتى وصلوا إلى أستراليا وجنوب أفريقيا والأرجنتين وهي دول جديدة في خريطة العقول العربية المهاجرة , باعتبار أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما الأكثر استقطابا للعقول العربية , وقد كشف تقرير الهجرة المتوسطية " 2006- 2007" أن عدد المهاجرين من أصول عربية الحاصلين على شهادات علا "ماجستير ودكتوراه" المقيمين في الاتحاد الأوروبي يصل إلى نحو 600 ألف في حين بلغ عدد هؤلاء في الولايات المتحدة أكثر من 170 ألفا , بزيادة قدرها 100 ألف عالم خلال العقد الأخير, وهذه الزيادة تعكس تنامي الوعي بضرورة مغادرة سفينة الوطن إلى شواطئ أخرى , وينتظر أن تتصاعد هجرة الكفاءات أكثر باشتداد العولمة , والإصرار على حرية التجارة في السلع والخدمات وحرية انتقال البشر إليها . مرجع سابق .
([7]) إن مراكز البحث العلمي والجامعات العربية تفتقر إلى روح المبادرة وبلورة مشاريع علمية ضخمة ومنتجة , ولا تميز في كثير من الأحيان بين الباحث المتميز وغيره , فالأنظمة البيروقراطية تعامل الجميع بنفس المقياس ولا تعطي للمتميز ما يشجعه على مزيد من البذل والعطاء , كما إن مجال العمل والبحث والتطوير محدود أمام المتميز مما يجعله بين خيارين : إما الاستكانة والقبول بالأمر الواقع , وإما قبول العروض المغرية التي تقدمها المراكز العلمية في الطرف الآخر من العالم لكل متميز مبدع والتي تتمثل بالمال والجاه كثير وكثير من المميزات التي لا يحلم بها في وطنه الأم . ولا ننسى أنه في كثير من الأحيان يكون الأقل كفاءة هو المسئول عن تسيير دفة العمل والتخطيط في المراكز العلمية مثل الجامعات ومراكز الأبحاث وغيرها . ومثل هؤلاء لديهم مركب نقص ويعرفون في دواخل أنفسهم مستواهم لذلك يعتبرون كل متميز عدوا لهم ؛ فوجود المتميز يظهر نقصهم , فيلجأون إلى كل وسائل الإحباط الممكنة للتخلص منه . ويظهر ذلك في الرواية حين يواجه (عبد العزيز) الدكتور (فوزي) في مكتب براءات الاختراع .
([9])عطية شخصية تمثل الشعب العربي في الإمارات العربية المتحدة .حيث أن ترتيب الإمارات في مجال البحث العلمي عام 2000 م كان تريبها في المركز 70 , وفي عام 2002 م أصبحت الإمارات في المركز رقم 65 , وتراجع ترتيب مصر في عام 2002 م إلى المركز 135 , بينما قفز ترتيب الصهاينة إلى المركز 14 بين دول العالم , والسبب معروف هو أن مصر تخصص 1 % من ميزانيتها في البحث العلمي في حين يخصص الكيان الصهيوني 5 % من ميزانيته للغرض نفسه , بالإضافة إلى ميزانية وزارة الدفاع التي يخصص جزء منها للأبحاث العلمية العسكرية . وانظر : مجدي الصفطاوي (الدكتور) : غياب ثقافة البحث العلمي , صحيفة البديل , 6/5/2008 .
([10]) لوسيان جولد مان (1913 -1970) : فيلسوف , وناقد , وعالم اجتماع , وأحد مؤسسي السوسيولوجيا الحديثة للأدب , جمع أعماله بين علم الاجتماع والنقد الأدبي . والأثر الأدبي عنده نمط بنائي يتغير بتغير بنية البيئية أو الوسط الاجتماعي , الأمر الذي جعل منه رائدا من رواد النقد الجديد ... وقد أعطر الصدارة للبنية على الواقع الاجتماعي وحاول أن بكتشف العلاقة بين بنية الأثر , وبنية فكر الكاتب والجماعة التي يرتبط بها اقتصاديا واجتماعيا , وتاريخيا انطلاقا من مفهوم البنيوية التوليدية (الدينامية) . وأهم مؤلفاته : بحوث ديالكتيكية 1949 – ونحو سوسيولوجيا الرواية 1964 م .ورؤية العالم لديه هي : كيان وجودي (أنطولوجي) يقر داخل وخارج العمل الأدبي في آن , ويعني ذلك فهم هذه الرؤية من حيث هي أساس معرفي (إبستمولوجي) لفهم العلاقة بين الأجزاء والكل .
[11]جابر عصفور (الدكتور) : نظريات معاصرة , هيئة الكتاب , 1998 م , ص 108.
[12]محمد مندور (الدكتور) : (1907-19 مايو 1965 ) , وله كتاب (النقد المنهجي عند العرب ومنهج البحث في الأدب واللغة), دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع , 2007 م . وبلغت آثاره النقدية والأدبية حوالي عشرين كتابا , بقطع النظر عن بقية مؤلفاته من مترجمات وغيرها .
[13]فاروق العُمراني : النزعة الجمالية الإنسانية لنظرية محمد مندور النقدية , عن القسم الأول من بحث جامعي أعده المؤلف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة التونسية . وانظر : فصول , المجلد التاسع , العددان الثالث والرابع , فبراير 1991 , ص 59 .
[14]جوستاف لانسون : (1857 - 1934 م ) أستاذ وناقد من كبار النقاد الجامعيين الفرنسيين . تخرج من دار المعلمين العليا بفرنسا , وبعد حصوله على الدكتوراه سنة 1888 م أصبح أستاذا بالسوريون وبدار المعلمين العليا , التي تولى عمادتها فيما بعد إلى سنة 1927 م . ألف كثيرا من الكتب , واشتهر بمؤلفه الضخم عن تاريخ الآداب الفرنسية منذ نشأتها إلى القرن العشرين , إلى جانب بحوث منفردة عن طائفة من أشهر كتاب فرنسا .
([15]) لقد اندفع آلاف العلماء العرب المتميزين إلى الهجرة بطموح علمي وإشباع لروح البحث والتطوير أو المشاركة الفاعلة في الرأي والخبرة أو الحصول على الدعم المادي والمعنوي ... وهذا ليس عيبا فالشعار الإسلامي "اطلبوا العلم ولو في الصين" يحمل ضمنيا دعوة إلى الهجرة للعلماء بحثا عن المعرفة أو الرزق . ولاشك أن ارتفاع الأجور والرواتب والمزايا المادية في الغرب تعتبر أهم عامل لجذب الكفاءات العلمية ,إذ تتوفر للكفاءات المهاجرة ظروف طيبة للعمل والبحث العلمي .
[16]عبد الرحمن ياغي (الدكتور) : في الجهود الروائية , ص 89 .
([18])القمر الإصطناعي : عبارة عن محطة إرسال واستقبال , طوره العلماء حتى أصبح مركبة فضائية تسبح في الفضاء لأداء مهمة معينة , فمنها ما يستخدم لخدمة الإتصالات مثل قمر نيل سات المصري , أو للاستشعار عن بعد مثل Kit sat , أو لخدمة الأبحاث العلمية مثل Goes والعلم لم يقف عند هذا الحد , فكل يوم يوجد الجديد . والقمر الصناعي لكي يستقر في مكانه يحتج إلى مكوك فضاء لكي يضعه في هذا المكان المحدد . والمهمة الفضائية تنقسم إلى ثلاثة أركان رئيسة هي : القمر الصناعي , وصاروخ الإطلاق , والمحطة الأرضية لاستقبال المعلومات , أو إجراء الإتصالات من القمر الصناعي . ومن أشهر الصواريخ التي== =تستخدم لإطلاق الأقمار الصناعية , صاروخ (إريان) الفرنسي , وصاروخ (كوزموس) الروسي . وانظر : صبحي سليمان : حقائق وغرائب , الدار الثقافية للنشر , ط 1 , 2003 م ,ص 145 . والمواقع المتخصصة في العلوم على شبكة الإنترنت العالمية .
[19]سعد شعبان (المهندس) : الإشعاع من الذرة حتى المجرة , الهيئة العامة للكتاب , 2006 م , ص 200 .
[20]الروائي الفرنسي جول فيرن : (1828-1905م) المؤسس الحقيقي لأدب الخيال العلمي , كتب سلسلة من الروايات عن أسفار من نبع خياله , وعرضها في إطار علمي , أو في جّو مِن التنبؤات العلمية , ومن أهم هذه الروايات : خمسة أسابيع في منطاد 1863 , ورحلة إلى مركز الأرض 1864 , ومن الأرض إلى القمر 1865 تخيل فيها وصول الإنسان إلى القمر بانطلاق محطة فضاء بواسطة مدفع , ووصف الرواد سطحه وهو ما تحقق عام 1969 , وله : عشرون ألف فرسخ تحت البحر 1870 وضع فيها وصفا للغواصة التي تجوب البحار , وحولا العالم في ثمانين يوما 1873 م , وهكتور سيرفاداك 1877م عن مذنب يقتطع قطعة من الأرض ترافقه في رحلته حول الشمس , وسيد العالم 1904 م , وكتب عن الطائرات النفاثة والصورايخ بعيدة المدى وكلها تنبؤات تحققت . وانظر : الموسوعة العربية الميسرة , المجلد الثالث , مرجع سابق , ص 1813 .
[21]هربرت جورج ويلز :(1866 م- 1946 م ) أديب إنجليزي يلقبه النقد بـ (شكسبير الخيال العلمي) , ولد في ضاحية بروملي بلندن , وأول رواياته : (آلة الزمن) , أعظم روايات الخيال العلمي على الإطلاق , تهدف قصصه إلى الإصلاح الاجتماعي ومن مؤلفاته : الرجل الخفي 1897 م – حرب العوالم 1898 م . وكان واحدا من الكتاب المؤثرين في عصره . وانظر : الموسوعة العربية الميسرة , جـ 4 , ط 2 المحدثة , دار الجيل , ط 2001 م , ص 2634 .
[22]هانس جيورج جادامر : ولمزيد من المعلومات انظر : له فن الخطابة وتأويل النص ونقد الأيدولوجي من كتاب (فهم الفن) (le art de comprendre) , في العرب والفكر العالمي , ع . 5 , وانظر عبد الملك مرتاض (الدكتور) : التأويلية بين المقدس والمدنس , مجلة عالم الفكر , المجلد التاسع والعشرون , العدد الأول , يوليو / سبتمبر 2000 م , ص 263 .
[23]أمل نصر : حول نظرية (جماليات التلقي) , صحيفة القاهرة , 18/8/2009 م , ع (486) , ص 16 .